فتح الحاج إبراهيم متجره الذي يقع في ميدان التحرير بكل عسرة حتى قال بضجر :
” متى سوف أحوله لباب زجاجي افتحه و اقفله بكل سهولة و يسر “
فقام بفتحه و هو يقول : ” يا فتاح يا عليم و يا رزاق يا كريم “
دخل متجره و أنار الأضواء الداخلية حتى لاحظ وجود مساعده احمد الشاب الفطن خلفه فصرخ و قال :
” ما الذي أتي بك متأخرا “
فأجابه : ” أنا اعتذر لك يا حاج إبراهيم و لكني استيقظت متأخرا “
فقال : ” حسنا يا بنيّ , هيا قم بتنظيف المتجر كي نقوم لصلاة الجمعة بعد قليل .. “
- ” حسنا “
خرج الحاج إبراهيم خارج المحل , حتى نظر الى أعلى المتجر و قرأ و قال : ” بازار التحرير “
ثم أضاف : ” كم أأمل بتغير هذا الاسم “
ثم صرخ الى مساعده و قال : ” احمد ما رأيك بتغير اسم المتجر “
تحرك احمد إليه و قال : ” انه لشيء عظيم “
- ” هل لديك اقتراحات ؟؟ “
- ” بلى , ما رأيك بازار السلام “
نظر إليه الحاج إبراهيم و قال : ” هذا المتجر للسياح والأجانب , هيا قم بإكمال عملك “
فقال احمد : ” كما تريد ” غادر نحو عمله . . . .
لم يمضى دقائق حتى حان موعد أذان لصلاة الجمعة فبدأ الحج إبراهيم بتجهيز نفسه ثم قال :
” هيا يا احمد , هيا كي نلحق للصلاة “
و ذهب كلاهم الى المسجد الذي يقع بالقرب منهم و بدأ في صلاة الجمعة حتى قضيت فذهب الجميع الى مقصده . . . .
بينما الحاج يقترب من متجره لاحظ وجود نادر شريكه الشاب الذي يعمل معه في نفس المتجر
فصرخ الحاج إبراهيم و قال : ” لماذا لم تأتي الى الصلاة “
أجاب دون اهتمام : ” سوف أقوم بصلاتها ظهرا .. “
- ” و لماذا أتيت متأخرا ؟ ؟ , خسارة بأنك تحمل مفتاحا للمتجر “
توجه الحاج إبراهيم الى مكتبه و بدأ في البيع و الشراء …
في نهاية اليوم عند المساء جلس نادر بالقرب منه و قال : ” يا حاج إبراهيم , نريد بضاعة جديدة من التماثيل و التحف و خلافه , لقد بقيّ على موسم السياحة في مصر أقل من شهرا .. “
- ” نعم نعم لقد فكرت بهذا الأمر , لكني منتظر الأستاذ ولاء , سوف يصل من الصين قريبا , و على حد علمي
بأن لديه بضاعة سوف يقوم بتوزيعها على مصر بأكملها و يجب أن يكون لي نصيب من تلك البضاعة “
فرح نادر كثيرا ثم قال : ” هذا ممتاز جدا … , و متى سوف يصل “
فدخل عليهم احمد يقول له : ” يا حاج إبراهيم , هل تريد مني شيء “
- ” لا تفضل أنت “
فهّم ان يغادر صرخ نادر بقوله : ” يا ولد الم تتعلم بعد , انا هنا مثل الحاج إبراهيم تمام , لا تتجاهلني مرة أخرى , هل فهمت “
- ” حسنا سيدي “
ثم أضاف : ” هل تريد من شيء سيدي “
فأشار نادر بيده دون ان يتكلم حتى غادر احمد
فنظر نادر إلي الحاج إبراهيم مرة أخرى ثم قال : ” عن ماذا كنا نتحدث ؟ “
فقال باشمئزاز : ” التماثيل الجديدة “
بسرعة : ” أوه نعم , هذا ما قصدته “
- ” المشكلة الآن من أين أأتي بمال , لم اعد املك مالا لهذا “
صرخ بسرعة و قال : ” ماذا … ماذا تقول ؟ “
انزعج الحج إبراهيم ثم قال : ” اهدأ يا نادر , تكلفة هذه البضاعة تتعدى العشرة الآلف جنية “
ثم قال نادر : ” حسنا , يجب ان تحضر تلك البضاعة بأي شكل , هل فهمت “
انزعج الحاج إبراهيم لأنه يكلمه بهذه الطريقة حتى قال : ” حسنا .. حسنا سوف أتدبر أموري “
ثم قال نادر : ” هناك متجر للبيع في شارع الهرم , أتمنى انك لو تستطيع شراءه , سوف ينفعك كثير “
- ” لا , لا أريد “
وقف نادر ثم صرخ : ” أنت كما أنت يا إبراهيم , العالم من حولك يتطور و أنت على حالك “
فترك نادر المتجر و هو يقول : ” لقد سئمت العمل مع العجائز … “
و أغلق الباب بشدة …
نظر الحاج إبراهيم الى يده و الى شعره الذي شاب فقال لنفسه : ” نعم لقد أصبحت عجوزا .. “
******
مرت الأيام , و كل يوم يمر يحدث شجار بين الحاج إبراهيم و نادر باستمرار , لدرجة ان الناس هي التي تفصل بينهما و كانت مشكلة نادر هي ان لابد ان يقوم الحاج إبراهيم بشراء تلك البضاعة من المستورد و عرضها على السوق في خلال هذا الموسم …
في نهاية اليوم غادر نادر المتجر و بقي الحاج إبراهيم و احمد مساعده …
جلس الحاج إبراهيم على مكتبه فأخرج من جيبه هاتفه و اتصل بشخص ما و وضعه على أذانه حتى سمع صوتا فقال بسعادة : ” مرحبا يا أستاذ ولاء , كيف أحوالك ؟ “
ثم أضاف : ” حمدا لله على سلامتك , من فضلك يا أستاذ ولاء أريد أن أراك لأمر هام “
ثم أضاف : ” حسنا سوف انتظرك في متجري , انا في انتظارك “
و أغلق هاتفه على الفور , ثم نظر الى ساعة يده وجدها تشير الى الحادية عشر مساءا ..
صرخ على احمد مساعده فجاءه على الفور فطلب منه ان ينظف المتجر جيدا و يضيء جميع أنواره …
لم يمضي ثلاثون دقيقة حتى قدم ولاء شاب في الأربعين من عمره دائما يرتدي ملابس ملفتة للنظر …
فدعاه الحاج إبراهيم للجلوس , فجلس ولاء بكل هدوء حتى صرخ الى احمد و قال له : ” تعال يا احمد “
فجاء احمد بسرعة و هو يقول : ” نعم سيدي “
فنظر الحاج إبراهيم الى ولاء و قال له : ” ما تريد ان تشرب ؟ “
نظر الى احمد و وضع يداه على كتفه و قال : ” أريد فجان قهوة , هل تستطيع “
فقال احمد بهمة : ” حسنا ” و انصرف
التفت ولاء إلى الحاج إبراهيم و قال : ” ماذا كنت تريد مني ؟ “
- ” اولا حمدا لله على سلامتك , ثانيا بخصوص تلك البضاعة التي جلبتها من الصين مؤخرا “
- ” أنها في المخازن , تعال و اختر ما شئت “
- ” أشكرك جزيل الشكر “
فدخل احمد بعد ثلاث دقائق و هو يحمل صينية عليها القهوة فقدمها له و انصرف على الفور …
فأخذ رشفة ثم قال : ” كم لديك من أموال ؟؟ “
- ” أنا لا املك سوى خمسة الآلف , و لكن اعلم أنها لم تكفي لذلك … “
سكت الحاج إبراهيم قليلا حتى قال له ولاء :
” لا تقلق ادفع ما استطعت و الباقي على دفعات أسبوعية … ما رأيك ؟ “
ابتسم الحاج إبراهيم و قال : ” أشكرك … أشكرك جدا “
آخذ ولاء آخر رشفة من القهوة ثم قال : ” متى سوف تأتي الى المخزن ؟ “
ظل يفكر حتى قال : ” غدا … نعم غدا “
فمد يداه إلى احد الأدراج و اخرج منه رزمة مال و ألقاها إليه و قال : ” تفضل هذه خمسة الآلف جنية “
مد ولاء يداه و أخذها و قال : ” انتظرك غدا في المخزن “
و دسها في جيبه و همّ لمغادرة المكان حتى وقف و قال : ” اين نادر ؟؟ “
- ” لقد غادر الى بيته “
- ” لان نادر قال لي بأنه يريد البضاعة التي جلبتها من الخارج “
- ” انه منزعج قليلا بخصوص هذا الأمر , طلب مني أكثر من مرة شراء البضاعة منك في اقرب وقت “
- ” حسنا انا في انتظارك غدا ” قالها و غادر فورا ..
و في اليوم التالي ذهب إلى مخزن ولاء و قام باختيار بضاعته التي تناسبه التي وصلت كلفتها الى عشرة الآلف جنية فقال له : ” أستاذ ولاء , بقيء على موسم السياحة في مصر اقل من شهر , سوف ادفع لك كل أسبوع ألف جنية بحيث في خلال شهر و نصف لا أكثر سوف انهي لك تلك الدفعات , هل أنت موافق ؟ “
- ” حسنا , لا بأس … كل يوم جمعة سوف أأتي إليك “
و على فور نقلها احمد مساعد الحاج إبراهيم الى مخزنه بواسطة سيارة نقل صغيرة ..
دخل الحاج إبراهيم متجره و هو سعيد و الابتسامة لا تفارق شفتيه
فجلس على مكتبه و طلب من احمد كوب من الشاي , فتناول من جيبه هاتفه و اتصل بنادر فقال له عندما سمع صوته : ” نادر , كيف حالك ؟ “
فسمعه يقول : ” بخير و أنت “
- ” لماذا لم تأتي اليوم الى العمل ؟ “
فقال له : ” انا مرهق قليلا هل هناك من جديد ؟ “
- ” بالطبع , لقد قمت بشراء بضاعة جديدة من التماثيل و التحف الصيني من ولاء “
انتظر الحاج إبراهيم حتى يسمع منه صوت ينم عن سعادة و لكن فجاءه بقوله ببرود : ” حقا ! .. جيد “
- ” هل سوف تلقي نظرة عليها “
- ” حسنا حسنا “
و أغلق هاتفه على الفور حتى تفاجئ الحاج إبراهيم بأسلوبه هذا …
مرت أيام أخرى , بينما نادر عرض على الحاج إبراهيم أن ينهي تلك الشراكة و ان يأخذ نصيبه و لكن الحاج إبراهيم تريث بالأمر حتى قال له : ” كما تريد يا نادر “
- ” هذا ممتاز انا أريد منك المبلغ الذي دفعته لك “
صدم الحاج إبراهيم ثم قال : ” الآن … , هذا مستحيل بالطبع , أنظر الى متجر ليس هناك سوى بعض التحف و التماثيل ولا أملك في جيبي سوى قوت يومي “
- ” هذا ليس من شأني يا حاج .. “
فقال بسرعة : ” انتظر حتى بعد انتهاء هذا الموسم السياحي كي أستطيع ان أرد لك هذا المبلغ “
- ” لا أستطيع ذلك … لن انتظر , اليوم الجمعة و أمامك فقط يومان “
قال تلك العبارة و غادر حتى ارتطم بولاء يتحرك بهدوء و لكنه اختفى على الفور دون حتى ان يعتذر , فأقترب من الحاج إبراهيم و هو ينظر خلفه ناحية نادر و هو يقول : ” ما أمره , لماذا منزعج هكذا ” ثم جلس أمامه
فقال له الحاج إبراهيم : ” يريد فض الشراكة و أن يأخذ أمواله “
- ” حسنا أعطه “
- ” في هذا الوقت العصيب مستحيل “
بسرعة و باهتمام : ” ماذا تريد ان تشرب ؟ “
- ” لا داعي لذلك إنني على عجل “
- ” حسنا “
واخرج من درجه مبلغ من المال فأعطاه له و قال : ” تفضل هذه ألف جنية “
أخذها منه ثم قال : ” متى سوف تعرض تلك البضاعة في متجرك ؟ “
- ” خلال أسبوع لا أكثر “
- ” حسنا “
ثم انتصب ولاء و قال : ” مع السلامة ” وغادر على الفور …
في اليوم التالي لم يأتي نادر إلى متجر فجلس الحاج إبراهيم على مكتبه و طلب من احمد ان يعد له فنجان من القهوة فرفع هاتفه و اتصل به : ” نادر , لماذا لم تأتي الى عملك “
فأجابه بعصبيه : ” اسمع يا عم إبراهيم , لقد قلت لك سابقا بأني لا أريد مشاركتك مجددا و سوف أأتي عند المساء كي أأخذ أموالي منك , حسنا “
- ” و لكن …. “
و أغلق نادر الهاتف في وجه دون ان يجيبه حتى ….
بدأ الحاج إبراهيم ببيع بعض التحف القديمة التي في محله و هو مستاء ,
حتى حل المساء و جاءه نادر و هو يصرخ : ” السلام عليكم “
ثم جلس أمام مكتبه بسرعة و هو يقول : ” هل أحضرت لي مالي ؟ “
فأجابه بهدوء : ” يابني هذا صعب في الوقت الحالي , من أين أأتي لك بعشرة الآلف جنية “
ظل نادر يفكر قليلا ثم قال : ” لا لا … أنت من جنى على نفسك ” و غادر المتجر دون أن يلقي كلمة أخرى …
سئم الحاج إبراهيم من هذا الموقف , لم يكن يريد إنهاء علاقتهم على هذه النحو , لكنه أصّر على ذلك ..
في اليوم التالي عند الصباح , بينما الحاج إبراهيم يتجه نحو متجره رأى احمد في انتظاره فأعطى له مفاتيح متجره حتى فتحه و دخل احمد أولا ثم الحاج إبراهيم من خلفه و لكن لاحظا شيء غريب ….
المتجر على غير حالته , أخذ يتحسس بيده حتى صرخ : ” أنير الأنوار “
حتى أنارها احمد فلاحظ الحاج إبراهيم بأن حدث هنا أمر ما , لكن المتجر لم يسرق لكنها فوضى ….
حتى هدأ قليلا ثم هاج بسرعة و صرخ : ” المخزن ! “
فركض نحو المخزن بسرعة فلم يجد صناديق البضاعة التي اشتراها من ولاء …
كاد أن يبكي و لكنه تماسك نفسه فسرعان ما خرج خارج المتجر و سأل سليمان الذي لديه كشك صغير بجانب متجره فرحب به أولا ثم قال له : ” هل نادر جاء هنا ليلة أمس “
فأجابه بسرعة : ” نعم لقد جاء برفقة سيارة نقل و قام بنقل بعض الصناديق و غادر بها “
ابتسم له و شكره وذهب الى متجره …
فجلس على مكتبه و هو يفكر بحل لهذه المصيبة , حتى اقترح احمد و قال :
” يجب يا سيدي ان تبلغ الشرطة “
نظر إليه نظرة يأس : ” انه شريكي و دخل بمفتاحه , لا يعتبر لصا … “
ثم وقف و ظل يتحرك و كأنه يكلم نفسه : ” أنا لست حزينا لان اخذ تلك البضاعة , لكن موسم السياحة سوف يضيع مني , و غير ذلك هناك عبئ آخر اسمه ولاء … يجب عليّ أن اعرض البضاعة خلال يومين … “
ثم نهض احمد و قال : ” هناك زبائن ” فذهب إليهم كي يتعامل معهم
بينما الحاج إبراهيم لم يكترث له , فجلس على مكتبه و رفع الهاتف و اتصل بنادر و لكنه لم يجيب فأتصل ثانيا فلم يجيب حتى قال في نفسه : ” يلعنك الله “
فلم يلاحظ إلا قدوم رجل طويل في الثلاثون من عمره يرتدي جلباب ابيض , فنظر الحاج إبراهيم إليه و قال :
” سامر , تعال اجلس “
فجلس سامر أمامه باهتمام و قال : ” ما أمرك ؟؟ حالك لم يعجبني , بإذن الله خيرا “
- ” لا لا … بإذن الله خيرا , كيف حالك أنت ؟ “
- ” نحمد الله “
فصرخ الحاج إبراهيم و قال : ” يا احمد تعال “
فهرول إليه و قال : ” نعم سيدي ؟ “
دون ان ينظر الى احد قال : ” احضر لنا كوبان من الشاي “
- ” حسنا ” قالها احمد و غادر
فحدثه بشدة و قال : ” يا حاج من الأمر ؟؟ “
قال و هو مبتسما : ” لقد تم سرقتي ! “
فنهض و صرخ بسرعة : ” ماذا “
فالتفت حوله يمين و يسارا فقال : ” المتجر كما هو ؟؟ “
فجلس و قال : ” ما الأمر يا حاج ؟ “
ثم أضاف بسرعة : ” حسنا , لماذا لم تبلغ الشرطة ؟؟ “
بينما الحاج إبراهيم مبتسما و يتابع تغيرات ملامحه
ثم أضاف بسرعة : ” حسنا , لماذا آنت هادي هكذا ؟ “
- ” و ماذا عساي أن افعل , هل اذهب إليه و اخرج المسدس و اردعه قتيلا , و ندخل كلانا النار ؟ ؟ “
- ” من الذي سرقك ؟ “
- ” لا احد , لا احد , لكن هذا من حقه “
فالتفت سامر حوله و قال ببطء : ” أين نادر ؟؟ “
- ” لقد فضت شراكتنا “
فجاء احمد يحمل الصينية و عليها كوبان من الشاي فقدم إحداهم لسامر بقوله : ” تفضل سيدي “
و الآخر إلى الحاج إبراهيم , و انصرف احمد الى عمله …
فقال له سامر : ” عز موسم السياحة في مصر بعد أيام قلال , و هذا طريقك الوحيد لتعويض ما حدث في الأيام السابقة “
فأخذ رشفة الشاي ثم قال : ” اعلم هذا , المتجر فارغ تمام .. , لا يوجد سوى تلك الأوراق البردية و هذه التحف , لم يعد شيئا كي أبيعه “
فقال له سامر بهدوء : ” استعوض الله … “
- ” ونعمة بالله , بعد أيام سوف يأتي ولاء أظن انك تعرفه “
- ” ولاء رجل محترم جدا “
- ” سوف يأخذ ثمن البضاعة التي سرقت مني “
سكت ثم قال : ” كنت على وشك بيع البضاعة و تسديد تمنها اما الآن سوف أسدد ثمنها من جيبي “
فبادله الرد بسرعة :” هذا وقت صعب كي يفصل الشركة بينكم .. “
و عندما فرغا من الشاي قال : ” استودعك الله “
- ” الى أين “
- ” ها سوف اعود الى متجري “
- ” حسنا تفضل … “
و غادر سامر من المتجر بينما الحاج إبراهيم يتأمل متجره بكل يأس , حيث المتجر فارغا من شيء ثمين يباع …
فصرخ و قال : ” يا احمد “
فجاءه مسرعا فقال له : ” اذهب الى بيتكم “
صدم احمد و قال : ” لماذا “
- ” اذهب فحسب , تعال غدا في موعدك “
و مد يداه في جيبه و اخرج مالا و أعطاه إياها و قال : ” خذ هذه “
اخذ المال منه و شكره و غادر المتجر حزينا ..
توجه الحاج نحو مكتبه و اتصل نادر حتى سمع صوته فرحب الحاج إبراهيم : ” مرحبا يا نادر كيف حالك “
فأجابه : ” الحمد لله بخير “
- ” أود فقط ان أسألك سؤالا واحد “
- ” تفضل “
- ” هل أنت راض عما فعلته بي ؟ “
- ” و ما الذي فعلته بك ؟ “
- ” الم تعلم بعد ؟ “
فأجابه باستغراب : ” لقد أخذت حقي ! , هل هذه جريمة ؟ “
- ” لا و لكن أنت تعلم ما نمّر به , و أننا قادمون على موسم و نريد من الله ان يرزقنا رزقا حلالا , فجئت أنت بكل بساطة أخذت البضاعة التي سوف نسترزق منها و أنت تعلم جيدا بأني لا املك مالا , لأني سوف ادفع لولاء ثمن تلك البضاعة , هل هذا صحيح ؟ “
فحدثه بكبرياء : ” السوق لا يعرف الضعفاء , اذا كنت غير قادر على العمل اقفل متجرك و أبقى مع أطفالك , خيرا لك … , و لكن ما فعتله هذا من حقي , أريد مبلغ عشرة الآلف جنية , و أنت لا تملك مالا , حسنا , أخذت بضاعتك التي تساوي نفس القيمة “
ثم أضاف : ” أعطيني مبلغ عشرة الآلف جنية و خذ بضاعتك “
- ” حسنا يا نادر , كنت أتمنى ان تنتهي الأمور بيننا على ما يرام “
- ” مع السلامة “
فأجبه الحاج إبراهيم بيأس : ” مع السلامة “
فأغلق هاتفه ووضعه في جيبه و تناول مفاتيح المتجر فأغلقه و ذهب الى بيته ..
مرت الأيام بينما الحاج إبراهيم لم يترك متجره يوما واحد , و يسعى وراء عمله لم ييأس و يقول لقد خرب بيتي و يجب ان اجلس مع أطفالي …
و حان موعد تسديد دفعة ولاء , بينما الحاج إبراهيم متوتر قليلا , و لكن استطاع ان يجهز له المبلغ من بيع بعض التحف و التماثيل القديمة من متجره ..
فجاءه ولاء مسرعا مرحبا به : ” مرحبا يا حاج “
و جلس على الفور أمامه , فنظر خلفه مستغربا و قال : ” أين البضاعة التي اشتريتها , لماذا لم تعرضها بعد , جميع المحلات التي من حولك عرضت بضاعة جديدة للموسم الجديد “
- ” لا لا فقد قررت التروي قليلا , أي لم يأتي وقتها بعد “
- ” لا يا حاج اعرضها اليوم قبل الغد , ان متجرك لا يحوي بضاعة تشد الناظرين لها “
مد يداه في الدرج و اخرج منه مالا و قال : ” تفضل هذا مالك “
مد يداه و أخذها و و هو يقول : ” حسنا “
* * * *
مرت الأيام و الحاج باع كل ما هو في متجره كي يستطيع تأمين دفعة ولاء و لكنه فشل فطلب من صديقه سامر قرض صغير فوافق سامر دون أي شروط …
فجاء ولاء مستغربا بشدة : ” المتجر فارغ تمام , ما الأمر يا حاج ؟؟ “
- ” تفضل هذا مالك “
أخذها و قال : ” من أين لك هذا المال ؟؟ “
ابتسم و قال : ” من عملي “
- ” حسنا كما تريد , و لكني أود أخبارك أمر هام “
- ” تفضل ! “
- ” البضاعة التي أعطيتها لك , أخذها ثلاث أشخاص فقط , أنت واحد منهم و الآخر في الأقصر و الثالث في جنوب سيناء “
- ” هذا ممتاز , . “
- ” و لكني وجدت تلك البضاعة تباع في متجر في شارع الهرم “
وقف الحاج إبراهيم فورا و قال باندهاش : ” ماذا تقول ؟ “
- ” بلى , و صاحب المحل نادر , نادر شريكك “
صدم بشدة و كأنه يشاهد أمامه فيلم تصوري لما حدث معه
ثم أضاف : ” يا حاج أخبرني ماذا حدث , قد أستطيع مساعدتك “
فقص عليه قصته و عندما انتهى منها قال له : ” أنا لست حزينا , الله في عونه , هذا حقه , و لكنه لم يترك لي فرصة كي اعمل على بيع البضاعة و تسديد المبلغ الذي يريده “
فنظر الى الأرض بينما ولاء يحاول ان يأتي له بفكرة ..
حتى قال : ” يا حاج , حسنا لدي الحل و لكن لا تحزن “
فنظر إليه و قال : ” ما هو ؟ “
- ” سوف أقوم بجلب لك بضاعة جديدة من أجلك , قم ببيعها و قم بتعويض ما فاتك و عندما ينتهي الموسم السياحي سدد لي ثمنها , ما رأيك ؟؟ “
ابتسم الحاج إبراهيم و لكن خائفا فقال : ” لماذا تقوم بذلك , أنت ليس لك ذنب “
فأجابه بثقة : ” و أنت أيضا لا ذنب لك كي تضيّع على نفسك فرصة النهوض و اللحاق بالموسم و تعويض ما خسرته بالأيام السابقة “
ثم أضاف : ” الحمد لله لأن لم تتخذ قرار خاطئ و تدخل السجن جراء ذلك “
لم يصدق الحاج في البداية و لكن بعد خمس ساعات احضر له بضاعة جديدة ..
فقام الحاج إبراهيم بتزينها و عرضها بشكل يجذب السائحين لها , و بدا في تحسن سوقه حيث جذب الكثير إليه و بدأ في تحقيق أرباح تكفيه … و بدأ المتجر يكتظ بالسائحين و بداء بينما هو جالس على مكتبه جاءه اتصال من ولاء …
فقال له : ” مرحبا يا حاج كيف حالك ؟ “
فأجابه : ” بخير الحمد لله “
- ” لقد سمعت بأن نادر اشترى محلا آخر في شارع الهرم “
- ” الله يرزقنا و يرزقه “
فضحك ولاء ثم قال : ” لا تقلق لن يضيع الله أجرك “
- ” هل سوف تأتي اليوم “
- ” لماذا “
- ” تعال كي تأخذ جزء من مالك “
- ” حسنا “
فأغلق هاتفه و أخذ يفكر قليلا ثم يقول : ” سبحان الله , لقد عمل بمال الغير , كيف له أن ينجح و يكون ثروة في وقت قصير , لله في خلقه شؤون “
مرت أيام أخرى و بدأ الحاج إبراهيم تسديد دينه لولاء بكل سلاسة و يسر حتى سمع آخر خبر بأن متجر نادر الجديد قد اشتعل نارا جراء ماس كهربائي مما سبب في خسارة كبيرة له ..
حزن الحاج إبراهيم لذلك و لكنه قال في نفسه : ” تلك الأموال من حقه و لكن لم يصبر عليّ , بل أراد ان يلحق الأذى بي , كي لا أستطيع ان أنال هذا الموسم و أستطيع النهوض …. “
تمت بعون الله