السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
الحمد لله الذي أنعم علينا بنعم لاتحصى الحمد لله العظيم شأنه ، القوي سلطانه ، القاهر ملكوته ، الباهر جبروته ، أشهد أن لا إله إلا الله الغني الحميد ، الفعال لما يريد ، وأشهد أن محمدا صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبــه عبده ورسوله ، أرسله بالمحجة البيضاء ، والملة الزهراء ، بأوضح البراهين ، وأمره بجهاد الكافرين والمنافقين إلى يوم الدين ،
وبعــــــــد
أيها المسلمون ،
روى البخاري عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْراً بِشِبْرٍ وَذِرَاعاً بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ. قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، اليَهُودَ والنَّصَارَى؟ قَالَ: فَمَنْ؟ »يحتفل غير المسلمين من النصارى هذه الأيام بما يعتقدون أنه مولد عيسى بن مريم عليهما السلام ورأس السنة الميلادية. وإنه لما يحزن قلب المسلم أن يرى أبناء المسلمين يشاركون النصارى احتفالاتهم تشبهاً بهم واستحساناً لتقاليدهم، غير مدركين لارتباط هذه الأعياد والتقاليد بعقائد النصارى المحرفة الضالة، ولا لحكم الشرع في ذلك.
إن الشرع قد حدد للمسلمين أيام عيدهم الخاصة بهم وهي يوم الفطر ويوم الأضحى. روى النسائي عن أنس أنه قال: «قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال: أبدلكم الله تعالى بهما خيراً منهما، يوم الفطر والأضحى». وهذا نص من الرسول عليه السلام على أن للمسلمين عيدان فقط هما يوم الفطر والأضحى، وبهذين العيدين أبطلت أعياد الجاهلية. وقد ارتبط هذان العيدان بعقيدة المسلمين من توحيد لله في العبادة والطاعة والامتثال لأوامر الله تعالى.
أما عيد الميلاد لدى النصارى عموماً والغربيين خصوصاً فهو احتفالٌ منبثقٌ عن عقائدهم الضالّة والمحرفة في عيسى بن مريم عليهما السلام وما اختلط بها من تقاليد رومانية وثنية قديمة، وهي مما لا يشك مسلمٌ بضلالها وكفر أصحابها. قال تعالى: ﴿﴿لَقَدْ كَفَرَ الّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ﴾﴾. وقال عز وجل:﴿﴿لَقَدْ كَفَرَ الّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾﴾. ويقوم النصارى في عيدهم هذا بتزيين البيوت والمحال التجارية والمدارس والشوارع، ويقيمون الحفلات العامة والخاصة في الكنائس وغيرها، ويتبادلون الهدايا وينشدون الأناشيد الدينية احتفالاً بهذه المناسبة
أيها المسلمون
إن الشرع قد نهى المسلمين عن تقليد الكفار من نصارى ويهود وغيرهم فيما هو من أمور دينهم وشعائرهم نهياً جازماً، روى البخاري عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْراً بِشِبْرٍ وَذِرَاعاً بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ. قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، اليَهُودَ والنَّصَارَى؟ قَالَ: فَمَنْ؟ » فالنبي عليه السلام ينهى عن اتباع اليهود والنصارى، ويذم من اتبعهم وسلك مسلكهم في الحياة، وقلدهم في أعرافهم وتقاليدهم وشعائرهم، فهو دليلٌ صريحٌ على حرمة تقليدهم من قبل المسلمين. وقد أكد الشرع هذا النهي لدرجة أن وصف من يتشبه بالكفار بأنه منهم، قال عليه السلام: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُم» رواه أحمد وأبو داود.
وعليه فلا يجوز للمسلمين الاحتفال بأعياد الكفار كعيد الميلاد ورأس السنة الميلادية الخاصة بالنصارى. ولا يجوز مشاركتهم بها بأي شكل من الأشكال، عامة كانت هذه الاحتفالات أم خاصة، وسواءً كانت في الكنيسة أم في المدرسة أم في أي مكان آخر. وهذا يشمل كل ما اتصل بهذه المناسبات من مظاهر وشعائر يُظهر فيها المسلم احتفاله فيها كتبادل الهدايا والتهنئة وتزيين البيوت والمحال التجارية.
أيها المسلمون
إن السبب الرئيس وراء تقليد بعض المسلمين للغربيين إنما هو وجود عقدة نقصٍ لدى المقلدين تجاه من قلدوهم. ومنشأ عقدة النقص هذه ما يعاني منه المقلدون من هزيمة فكرية ونفسية نتيجة لعدم وعيهم على عظمة عقيدة الإسلام وأفكاره وأحكامه وأنها وحدها التي تضمن للإنسانية العدل والسعادة والهناء، ولعدم إدراكهم لفساد الحضارة الغربية وقيمها وأعرافها وما تقوم عليه من عقيدة وطريقة عيش. قال تعالى: ﴿﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِنِّي هُدىً، فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى، وَمَنْ أَعْرَضَ عن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً﴾﴾.
إن أعيادكم أيها المسلمون تتجلى فيها القيم الرفيعة والمعاني السامية. ففي عيد الفطر تحتفلون بانتهاء شهر رمضان المبارك، شهر الطاعة والعبادة لله وحده، شهر الصدقات والترابط والألفة بين المسلمين، هو شهر التقوى والفضيلة يتنافس فيه المسلمون في القيام بالخيرات وأعمال البر، كما يتنافسون في الإبتعاد عما نهى الله عنه من رذائل الأعمال والفحشاء والمنكر. وفي عيدكم تبرز قيم الرحمة والعطف على المحتاجين والمساكين التي حث عليها الإسلام. أما عيد الأضحى المبارك فهو من مناسك الحج حيث يسعى المسلمون الى بيت الله الحرام تعظيماً لله تعالى، وطهارة من الذنوب وبراءة من الشرك، وتتجلى في هذا العيد أسمى معاني الطاعة والتضحية في سبيل الله، يتأسى فيه المسلمون بأبيهم إبراهيم عليه السلام.
وفي كلا العيدين يتجسد مظهر من مظاهر وحدة المسلمين من أقصى الأرض إلى أقصاها، رغم ما صنعته دول المستعمر الكافر من حدود وسدود لتمزيق جسد هذه الأمة
أما احتفالات غير المسلمين بأعياد الميلاد ورأس السنة فتتجسد فيها قيم الحضارة الغربية العفنة، فهي موسم للخيانة الزوجية وشرب الخمور وحفلات المجون؛ فيها تُرفع صلبان الشرك بالله، ويتنافس الناس في فعل الرذيلة، وتُداس العفة والفضيلة، وفيها ينفلت سُعار الجنس وتختلط الأنساب، وتنتفي القيم الروحية والإنسانية والأخلاقية الرفيعة من نفوس البشر. فهل في ذلك كله، أو في شيءٍ منه، ما يدعو الإنسان، أيّ إنسان، إلى التشبه أو التقليد أو الإستحسان؟ ناهيك عن أن يكون المقلد ممن آمن بالله وحده رباً، وبالقرآن كتاباً منزلاً، وبالإسلام نظاماً ورسالة للناس أجمعين
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته